عاجل

“الحج.. رحلة إلهية لبناء الإنسان من الداخل”

مع نسائم عيد الأضحى المبارك، وقلوب المسلمين تهفو إلى البيت العتيق، حيث تهتف الأرواح بـ”لبيك اللهم لبيك”، تتجدد معاني الطاعة والامتثال، ويشرق نور الهداية في القلوب، لتبدأ رحلة من أسمى الرحلات الإيمانية… إنها رحلة الحج، مدرسة ربانية لبناء الإنسان المتكامل.

بهذه الكلمات، استهل الدكتور مدحت محمد يوسف، الخبير التربوي والتعليمي العالمي، وابن محافظة كفر الشيخ، حديثه عن المعاني العميقة لفريضة الحج، مؤكدًا أن الحج ليس مجرد عبادة موسمية تؤدى وفق طقوس محددة، بل هو برنامج تربوي متكامل لتطهير النفس، وتنقية القلب، وبناء الإنسان المؤمن الواعي بدوره في الحياة.

الحج.. ميلاد جديد للروح

قد يعجبك أيضاً

غرفة عمليات التأمين الطبي للساحل الشمالى بمستشفى مارينا المركزي 22 - جريدة المساء

قال الدكتور مدحت يوسف إن فريضة الحج هي نقطة تحول داخلية عميقة، تبدأ من لحظة النية، حيث يقرر الإنسان التجرد من زخرف الدنيا، والتوجه بقلب خاشع نحو ربه. هنا، يتخلى الحاج عن مظاهر المكانة الاجتماعية، وعن الفوارق الدنيوية، ليقف بين يدي الله في لباس الإحرام، سواسية لا يُميّز أحدهم عن الآخر إلا بالنية والتقوى.

وأكد أن هذا التجرد يحرر النفس من غرورها، ويفتح لها بابًا صادقًا لمراجعة الذات، وتصحيح المسار، والعودة إلى الفطرة النقية، وهي محطة محورية في البناء التربوي للإنسان المسلم.

مناسك تهذّب النفس وتُعلّم الصبر

ويرى الخبير التربوي أن كل خطوة في مناسك الحج تمثل درسًا تربويًا وروحيًا له أثره العميق في بناء الشخصية:

يوم التروية: لحظة استعداد نفسي، يروّي فيها الحاج قلبه بالإخلاص والدعاء والتأمل.

يوم عرفة: هو قلب الحج، حيث تتجلى معاني الخضوع والعبودية، وتغتسل فيه الأرواح من أدران الذنوب، في مشهد يخطف الأرواح.

المبيت بمزدلفة: استراحة محارب بعد مناجاة طويلة، يعلّمنا أن بعد الانكسار تأتي السكينة، وبعد السعي تأتي الطمأنينة.

رمي الجمرات: إعلان رمزي وعميق لرفض وساوس الشيطان والتحرر من الهوى، وتأكيد على إرادة التغيير.

ذبح الهدي: درس في الطاعة والاستعداد للتضحية من أجل رضا الله.

دروس في الانضباط والطاعة

وأشار الدكتور مدحت يوسف إلى أن الطواف والسعي يعلّماننا الالتزام والطاعة، والتحرك المنظم نحو الأهداف، وتحقيق الغاية بالصبر والمثابرة، وأن الحج بأكمله هو دورة متكاملة في التربية والتزكية، يعيد بها الإنسان بناء ذاته، ويعود إلى مجتمعه بوجه جديد، ونفس مطمئنة، وقلب صافٍ، وعقل راجح.

الحج.. دورة إيمانية في بناء الذات

وأكد أن الحج يعلم الإنسان الرحمة في التعامل، الصبر في الزحام، النظام في السلوك، والانضباط في أداء الفروض، والحرص على وقت الآخرين وراحتهم، مما يرسّخ القيم المجتمعية والإنسانية.

وحين يعود الحاج، لا يعود كما كان، بل يعود – كما قال النبي ﷺ -:

“كيوم ولدته أمه”، أي خاليًا من الذنوب، وقد بدأ حياة جديدة بنقاء وصفاء وإيمان أعمق.

واختتم الدكتور مدحت يوسف حديثه بالدعاء لكل من نوى الحج أن يوفقه الله ويعينه، وأن يتقبله بقبول حسن، داعيًا لمن لم يحج بعد أن يُكتب له الحج قريبًا، سائلاً الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، ويغفر ذنوبهم، ويجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وعودتهم إلى ديارهم سالمة آمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى