تاريخ بحر الصين فى المكتبة العربية

أصدر الباحث والخبير القانوني البريطاني أنتوني كارتي كتابه «تاريخ بحر الصين الجنوبي وسيادته»، متتبعًا تفاصيل الأرشيفات البريطانية والفرنسية، وبدرجة أقل الأمريكية، بشأن ملكية منطقة بحر الصين الجنوبي والسيادة عليها بهدف الوصول إلى رأي قاطع ومطمئن يفض الاشتباك ويبصِّر القراء بحقيقة النزاع حول هذه المنطقة المهمة جدًا استراتيجيًا واقتصاديًا، وسط الصراعات المحتدمة عليها من قبل عدد من الدول، ومحاولات استغلالها في الصراع بين أمريكا والصين، مع تطويع القانون الدولي، وتجاهُل المواضعات التاريخية والاجتماعية التي ينبغي أن تكون صاحبة الكلمة العليا في هذه المسألة. وقد صدرت الترجمة العربية لهذا الكتاب عن مجموعة بيت الحكمة للثقافة، للمترجم، وانغ يويونغ (فيصل)، في يونيو 2025.
وجون أنتوني كارتي (مواليد 1947) باحث قانوني في معهد بكين للتكنولوجيا، عمل أستاذًا للقانون في جامعة تسينغهوا وجامعة هونغ كونغ بعد مسيرة مهنية في بريطانيا .وتركز اهتماماته البحثية على القانون الدولي، بما في ذلك نظرية القانون الدولي، وحقوق الإنسان، ونظرية المناطق المستقلة داخل الدول، مثل اسكتلندا، وبلاد الباسك، والقانون والتنمية، والقانون والأدب والفلسفة القانونية، وخاصة تاريخ الفكر القانوني، فهو بهذه المؤهلات يُعتبر حجة ذا رأي لا يمكن إغفاله في مثل هذه القضية، حيث كان قد صرح في إحدى مقابلاته الصحفية بأن “المفهوم الغربي للقانون المتعلق بملكية الأراضي تم صياغته حقا في سياق استعماري وإمبريالي، حيث توجد لديك دول غربية مختلفة تدعي ملكيتها على الجزر الواقعة خارج حدود الغرب”.
منذ عقود طويلة كان هناك – ولا يزال – نزاع حول السيادة على بحر الصين الجنوبي، هذه المنطقة المهمة اقتصاديًا وتجاريًا، بين عدة دول قريبة أو مطلة عليه، مثل اليابان وسلطنة بروناي والفلبين وفيتنام. والمطلعون يعرفون أن ما يُقدَّر بنحو 3.37 تريليون دولار أمريكي من التجارة العالمية يمر عبر بحر الصين الجنوبي سنويًا، وهو ما يمثل ثلث التجارة البحرية العالمية، في حين تمر نسبة 80 بالمئة من واردات الصين من الطاقة و39.5 بالمئة من إجمالي التجارة الصينية عبر بحر الصين الجنوبي.
لهذا كان من الطبيعي، أن تعلن الصين سيادتها على جزر بحر الصين الجنوبي والمنطقة بأكملها، استنادًا إلى القرب الجغرافي من ناحية وإلى قِدَم الأنشطة والممارسات الصينية على هذه الجزر، ومع النمو الصيني المطرد وتصاعد قوتها الاقتصادية بما يجعلها المنافس الأكبر وربما الأوحد لهيمنة القطب الأمريكي الواحد على مقدَّرات العالم اقتصاديًا وسياسيًا، اتخذت الصين من الخطوات العملية ما يؤكد سيطرتها على هذه الجزر، مثل بناء البحيرات الاصطناعية وإرسال قواتها البحرية لحماية هذه السيادة.
يوضح كتاب كارتي أنه ومنذ قرون طويلة كان صيادون من الصين يمارسون أعمال الصيد وجمع ذرق الطيور (لاستخدامه كسماد فيما بعد) على مناطق في بحر الصين الجنوبي، مثل جزر سبراتلي وباراسيل وغيرهما.