عاجل

جلسة “دومينو”.. إطلالة مبدعة لمحمد إبراهيم بربر

ويتجدد اللقاء مع المعين الصافي لأدباء ومواهب أبناء أرض الكنانة ،ومع نخبة من الأدباء العرب ..وضيفنا في هذا السطور الكاتب الأديب محمد إبراهيم بربر ،والتي أهدت بوابة “ الجمهورية والمساء قصته القصيرة “جلسة “دومينو”، ننشرها عبر هذه السطور..

🍂

جلسة “دومينو”

يتجمّع ورفاقه مساءً في مقهى “علّام”، يصيح فيهم إذا ما جاء متأخرًا ليحظى بنصيبه في دور قريب من لعبة “الدومينو”، رأيته في الأربعينيات من عمره، يجلس على مقعد قريب من الباب الخلفي للمقهى، ثم يجلس في الصف الأول من الصفوف المتراصّة بإحكام خلال مباريات “الأهلي”.

يصرخ “نائل” في وجه شاشة التلفاز، يظل طوال المباراة يندب حظ الجماهير بعد أن رزقتها الإدارة بهذا المدرب المريب، يحاول صاحبنا طوال الوقت أن يُضحك زبائن المقهى الشعبي، لكنه قلّما نجح في ذلك، يواصل فرض تعليماته الفنية وخطته البديلة وشرح التغييرات المناسبة واستبدال عدد من اللاعبين، لكن أحدًا لم يهتم، الوحيدة التي كانت تستمع له بإنصات وتناقشه بعصبية وتجادله في كل حرف زوجته التي كان يناديها مداعبًا إياها “يا جعفر”.

حين ينتصر في “الدومينو” على الخصم يقهقه ساخرا “اللهم ضحكنا عليكم”، يتناول فنجان القهوة ويشعل سيجارة وعلى وجهه نصف ابتسامة لينادي: “اللي بعده”، ولا أحد تغضبه الكلمات أو تفرحه.

يتهمه أحدهم بتعمّد الخطأ في عدّ قطع الدومينو، لكنه يصيح رافضًا إعادة العدّ والحصر، نافيًا أن يكون قد سرق، قبل أن يحمّر وجهه من شدة انفعاله “وحياة عيالي ما حصل”.

يهرول “نائل” نحو الأطفال، كلهم ضيوفه، ينادي القهوجي بضحكة عالية “هات هنا عصير أو حاجة ساقعة”، يداعب أولاد أصدقائه، يعرفونه جميعهم وينتظرون هداياه، ويصطحبهم معه حين يذهب لتأدية صلاة العشاء، يحبونه حتى وإن كان مزعجًا ويتعمّد السخرية من طوب الأرض.

حكي لي أنه في منتصف الليلة المنقضية عاد إلى منزله، بيت أمه الرحيب، دلف إلى غرفته، فطرقت الباب:

– اتفضلي يا أمي

– مش ناوي ترجعها يا ضنايا، دي عشرة العمر

– وبعدين؟ مش قلنا نبطل كلام في الموضوع ده.

– يا ابني.. هي اللي طالبة ترجع

– بعد ما عايرتني بإني مش بخلف

– كان نفسها في عيّل وإنت اللي كدبت عليها

– ده جزائي إن مش عايز أحرجها.. أضايقها؟

– وهي عرفت يا ضنايا إن العيب عندها بعد طلاقكم.

يمدّد قدميه على السرير، يلتحف بغطاء ثقيل يحفظه من برودة “ديسمبر”، يغمض عينيه بعد أن غادرت أمه الغرفة حزينة، وهو يتمتم: “وحشتيني أوي يا جعفر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى