عاجل

الخطاب الشعبوي الاسرائيلي ..تكنيك لإستمالة العالم !

بقلم ✍️ د.خلود محمود

(مدرس الإعلام الرقمي بمعهد الدراسات الأدبية بكينج مريوط )

الشعبوية مصطلح قد يظن العامة أنه يعني الفوضي أو عدم النظام أو معاني أخري بعيدة كل البعد عن مفاده الحقيقي فالشعبوية مصطلح يستخدم للأشارة إلي مواقف سياسية متنوعة تركز علي فكرة عامة الشعب تخاطبهم توجههم وتكمن خطورة الخطاب الشعبوي في طابعه الغير عقلاني فهو خطاب يستخدم الاستمالات العاطفية في استهداف فكر الجماهير  فأنصار الشعبوية يظنون أنهم ممثلو الشعب أو الناس العاديين، في صراع مفترض ضد النخبة، سواء تلك الممثلة بالسلطة أو بالأشخاص والجماعات صاحبة النفوذ بشكل رسمي أو غير رسمي في المجتمع.

قد يعجبك أيضاً

الحرب.. ما بين الجدية والواقع الهزلي ! 21 - جريدة المساء

عبثية الحرب الإيرانية ورمزيتها ! 23 - جريدة المساء

وبذلك تعتبر الشعبوية نقيضة النخبوية وخصمها اللدود من خلال الادعاء بأن تحكَم النخبة بالموارد والقرار والنفوذ ادى إلى تهميش الناس العاديين وإيقاع ظلامات كثيرة بهم، وأنه لا حل لهذه الظلامات من دون تقويض النخبة وإزاحتها عن مصادر قوتها الظالمة والمتوغلة فهي بالأصل حركات معادية للنخبة وللمؤسسات السياسية.

وتعتمد في بنيتها على الإعلاء من قيمة الزعيم والقائد، وتقسيم المجتمع إلى شعب أصيل ونخب فاسدة وتصعد الموجات الشعبوية في الأزمات السياسية والاقتصادية والثقافية وتجد لها بيئات حاضنة حين تستشعر فئات سياسية واجتماعية معينة التهميش السياسي أو الخطر الذي قد يهدد هويتها وتماسكها..

والشعبويون هما أناس يمتلكون نوعا من الظواهر الصوتية، أو الجرأة المغالى في تطبيقها، أو القدرة على استحداث موضوعات، يظن أصحابها أنها ستحظى باهتمام قطاع كبير من الناس، والمهم في كل ذلك هو الاستحواذ على تأييد قطاع كبير وعريض من الجمهور غير المنظم، أو الجمهور غير الانتقائي، أو غير الفئوي لذات الفكرة التي يروج لها الخطاب، سواء استوعب هذا الجمهور حقيقة الرسالة الموجهة إليه، أو لم يستوعبها، فالمهم أنها أخذت طريقها نحو الانتشار، وتردد صداها عبر الأرجاء.

ولعل هذا الانتشار هو ما أعطى تصنيف المتلقين لها هذا المسمى «الشعبوي» لسهولة استثارته على أوسع نطاق.

وهنا تظهر وسائل التواصل الاجتماعي بدورها الذي ساهم في تعزيز الخطاب الشعبوي كما لم يحدث من قبل فالطبيعة المتحررة من القيود لتلك الوسائل تقاطعت مع طبيعة الخطاب الشعبوي، فساهمت في نشر الإشاعات والأكاذيب بدل الحقائق، وخلقت تعدداً مزيفا للآراء، وسمحت بخلق بيئة للكراهية والتنمر والتشهير مع ضعف الرقابة الرسمية والتشريعات في ظل هذا المجتمع المنفتح الذي يحمل من الظواهر والكوارث ما يتفاقم تحت مظله الحرية الشخصية وحقوق الانسان التي لا صالح لها بمصلحة المجتمع ومع تزامن وتراجع الثقافة والقراءة والتحليل الصحيح للوقائع ومجريات الأمور، والتعلق بالحلول السهلة والساذجة التي يقدمها الشعبويون لحل مشكلات المجتمع وأزماته تكمن خطورة الخطاب الشعبوي بطابعه غير العقلاني، والذي يعادي العقل في كثير من الأحيان، واستمالته عواطف الجماهير التي قد تدغدغ غرائزهم وتحرض على العدوانية في بعض القضايا الوجودية الخاصة بالهوية والمعتقدات، وبذلك يصعب مجابهة الخطاب الشعبوي بخطاب عقلاني مضاد  في كثير من الاحيان  ، وهذا ما تتبعه الوسائل الاعلامية التابعة للكيان في كل القضايا مخاطبة بها جموع المجتمع الدولي بأستمالات عاطفية تبعدهم كل البعد عن فعلهم الاجرامي في التعدي علي المدنين وانتهاك وقتل رموز وقيادات الدولة الإيرانية وتتمسك وتسلط الضوء علي رد الفعل الإيراني المتسلط علي الجانب الانساني مستخدمة عبارات التهجير والقتل للأبرياء من شعبها كما تصفهم متناسيه كل الأفعال الوحشية والدمار وسفكها لدماء  الأبرياء واستباحه دمائهم واغتصاب أراضيهم معللا ذلك نتنياهو بحديثه ووصفه عن “تغيير وجه العالم” بما يفعله ويقوم به في المنطقة وفي بيان رسمي أصدره الجيش الإسرائيلي مستخدماً لغة الخطاب الشعبوي  بعد وقت قصير من بدء الهجوم، وصف اللجوء إلى القوة بأنه “ضربة استباقية” وذلك بعد أن بلغ البرنامج النووي الإيراني حدّ التهديد الوجودي لإسرائيل، حسب البيان ثم أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، أن الوضع “وصل إلى نقطة اللاعودة”، معتبراً أن الهجوم على إيران “ضرورة عملية فورية ومُلِحّة لإزالة التهديد الإيراني الاستراتيجي”.

وخرجت المنصات الإعلامية الاسرائيلية علي مواقع التواصل وغيرها تتحدث للعالم كلاً بلغته مثلما فعلت في ضربتها  لإيران مستخدمة  تكتيك “الخداع” ففي الأيام التي سبقت هجومها غير المسبوق على إيران، عملت علي ترسيخ انطباع غير صحيح لدى الجانب الإيراني بعدم استعدادها لشنّ أي هجوم قريباً ومن ثم استطاع نتنياهو “مفاجأة” طهران من خلال تنفيذ تلك العملية العسكرية وهو ما تفعله الآن من استخدامها للخطاب الشعبوي المعتمد علي العاطفة والتضليل الإعلامي مستخدمة تقنيات الذكاء الاصطناعي في فيديوهات ليست بحقيقة لوصف ما يحدث عندها بالكارثة الانسانية والحقيقة أن الحرب الإعلامية التي ترسخ المعرفة والمعلومات والوعي لدي الجماهير بالأحداث في المنطقة ليست أقل خطراً من الحرب التي شنها الكيان علي إيران فالوسائل الإعلامية المختلفة الرقمية والتقليدية يمكن أن تقام حروب وتسقط دولاً وتنهي شعوباً من خلالها فلننتبه لكل ما يقال ولندرك أن التزييف الإعلامي في عصر الذكاء الاصطناعي وصل الحد الذي لا يمكن للافراد العادية اكتشافه فالتقنيات باتت عالية جدا تبث ..وكأن المشهد حقيقي وهو في الحقيقي تمثيلي! .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى