عاجل

عامٌ هجري جديد.. وهجرة إلى الأمام

بقلم ✍️ د.سحر سالم (مدير عام إذاعة القناة)

في كل عام، حين يطلّ علينا الهلال معلنًا قدوم عام هجري جديد، تتجدد في أرواحنا معاني الهجرة، لا بوصفها حدثا مضى، بل كقصة متكررة نعيشها بيننا وبين أنفسنا. فالهجرة لم تكن فقط انتقالًا من مكة إلى المدينة، بل كانت انتقالًا من الضعف إلى القوة، من الخوف إلى الإيمان، من التشتت إلى البناء.

وها نحن اليوم، في عالمٍ يعجّ بالصراعات، وتخنقه الحروب وتشتته الأزمات، أحوج ما نكون إلى أن نُهاجر… لا من مكان إلى مكان، بل من كل ما يُعطّل مسيرتنا ويقف حجر عثرة أمام طموحاتنا. نُهاجر من الكسل إلى العمل، من السلبية إلى الإيجابية، من الشك إلى اليقين، من الركود إلى الانطلاق.

إن الهجرة الحقيقية تبدأ من الداخل، حين نُقرر أن نطوي صفحة الماضي بكل عثراته، ونفتح صفحة جديدة نكتب فيها مستقبلنا بوعي وإرادة. فلنُهاجر من ضيق الأفق إلى سعة الأمل، من البكاء على الأطلال إلى السعي نحو البناء، من التشكي إلى التمكين.

ولأن العالم من حولنا يشهد تقلبات حادة وصراعات ملتهبة، فإن أعظم ما نملكه اليوم هو مرونتنا، قدرتنا على التكيّف دون أن نخسر أنفسنا، أن نحافظ على جوهرنا وسط كل هذا الصخب، أن نثبت بثقة، ونتحرك بذكاء.

العام الهجري الجديد ليس مجرد تاريخ جديد على الورق، بل هو موعد جديد مع الذات، مع الحلم، مع البدايات النقية. فلنُمسك بأيدينا زمام التغيير، نُفتّش في دواخلنا عن مواطن القوة، ونتمسك بكل ما يدفعنا للأمام: فكرة ملهمة، كلمة مشجعة، هدف واضح، وعزيمة لا تلين.

كل بداية عام هي دعوة للمراجعة، وقفة مع الذات، وهجرة نحو الأفضل. فلنُهاجر هذا العام من العادة إلى الإرادة، من الضياع إلى الطريق، من التيه إلى البوصلة، ولنكن كالمهاجرين الأوائل: نترك ما يُثقِلنا، ونحمل معنا ما يُحيينا.

عام هجري سعيد… وهجرة لا تنتهي نحو كل ما هو أجمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى