الإعجاز في قول النبي ﷺ: “لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ”

بقلم ✍️ د. فراج خليل الصعيدي
(أستاذ الچيولوچيا، الباحث في شؤون الإعجاز العلمي للقرآن والسنة
في حديثٍ نبويٍّ مُعجز، كشف النبي ﷺ حقيقة الدنيا ومكانتها عند الله، حيث قال:
«لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
بأسلوب مختصر وبليغ، قدَّم النبي ﷺ تصورًا دقيقًا عن ضآلة الدنيا مقارنةً بالآخرة، وهي حقيقةٌ لم يدركها العلم الحديث إلا بعد اكتشافات فلكية مذهلة، تُثبت أن كوكب الأرض نفسه لا يُساوي شيئًا أمام عظمة الكون، مما يُبرز إعجاز هذا الحديث العظيم.
1. البلاغة العلمية في تشبيه الدنيا بجناح بعوضة
• اختار النبي ﷺ جناح البعوضة كمقياس دقيق لضآلة الدنيا، وهو أضعف جزء في مخلوق ضئيل جدًا، مما يجعل المقارنة مذهلة في دقتها.
• هذه الصورة البلاغية تعكس المعنى العلمي بدقة، فكما أن جناح البعوضة لا يُرى بالعين المجردة إلا بصعوبة، كذلك الدنيا في حسابات الآخرة لا تكاد تُذكر.
قد يعجبك أيضاً
2. الإعجاز العلمي في ضآلة الأرض مقارنةً بالكون
• في تفسير الإمام الألوسي، ذكر أن الأرض مقارنةً بالسماوات السبع كحَلْقة ملقاة في صحراء واسعة.
• العلم الحديث أثبت أن الأرض ليست سوى نقطة صغيرة جدًا في الكون الهائل.
• صورة التقطها مسبار فوياجر 1 عام 1990، من 1.4 مليار كيلومتر، أظهرت أن الأرض مجرد نقطة زرقاء باهتة وسط ظلام كوني شاسع.
• عدد النجوم في الكون المرصود وحده يتجاوز 100 مليار مجرة، وكل مجرة تحتوي على مئات المليارات من النجوم، مما يجعل الأرض أقل من ذرة غبار في هذا الامتداد اللانهائي.
• هذه الحقائق تُؤكد أن عالمنا الذي اعتقد الناس أنه واسع، هو في الحقيقة أصغر بكثير مما تخيلوا، تمامًا كما أخبرنا النبي ﷺ منذ أكثر من 1400 سنة.
3. كيف علم النبي ﷺ بهذه الحقيقة الكونية؟
• في زمن النبي ﷺ، لم يكن أحد يعلم شيئًا عن حجم الأرض مقارنةً بالكون.
• لم تكن هناك تلسكوبات أو أقمار صناعية قادرة على استكشاف الفضاء الشاسع.
• ومع ذلك، تحدث النبي ﷺ عن حجم الدنيا المتناهي في الصغر مقارنةً بالآخرة، وهو ما تطابق لاحقًا مع أحدث الاكتشافات العلمية.
• هذا دليل واضح على أن الوحي الإلهي هو المصدر الحقيقي لعلم النبي ﷺ، كما قال الله تعالى:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿٤﴾}
(سورة النجم: 3-4، صحيح إنترناشيونال)
4. الدروس المستفادة من الحديث
• عدم الانشغال بالدنيا الزائلة، والتركيز على الآخرة الباقية.
• الدنيا ليست هدفًا في حد ذاتها، بل مجرد اختبار للإنسان.
• الحديث يُحفّز المسلم على العمل الصالح والارتقاء الروحي، بدلًا من الانشغال بالماديات الفانية.
الخاتمة
حديث النبي ﷺ عن ضآلة الدنيا يُعد إعجازًا علميًا مذهلًا، حيث كشف حقيقةً لم يدركها العلماء إلا بعد قرون طويلة من البحث في الفضاء. كيف يمكن لرجل عاش في القرن السابع الميلادي، في بيئة لا تعرف شيئًا عن حجم الأرض أو الكون، أن يتحدث بهذه الدقة العلمية؟
الإجابة واضحة: إنه وحيٌ من الله سبحانه وتعالى.
سبحان الله الذي أوحى لنبيه ﷺ بهذه الحقائق، لتظل شاهدًا على عظمة الإسلام وتوافقه مع العلم الحديث.