د.مهران: اعتقال طاقم “مادلين” قرصنة بحرية

»» أستاذ قانون دولي: الصمت الدولي المشين تحول إلى شراكة فعلية مع الجريمة الإسرائيلية
»» إسرائيل كررت مجزرة أسطول الحرية والحكومات الغربية تخلت عن مواطنيها
شدد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، على أن اعتقال إسرائيل لطاقم سفينة مادلين في المياه الدولية يؤكد صحة تحذيراته السابقة من تواطؤ العالم مع الإجرام الإسرائيلي، واصفاً ما حدث بالقرصنة البحرية الصريحة وتكرار مخزٍ لمجزرة أسطول الحرية.
قد يعجبك أيضاً
وقال الدكتور مهران في تصريح خاص لـ “المساء” إن العملية الإجرامية التي تمت فجر أمس الاثنين على بعد 120 ميلاً بحرياً من غزة تؤكد أن الصمت الدولي المشين الذي حذرنا منه تحول إلى شراكة فعلية مع الجريمة الإسرائيلية، مضيفا أن العالم الذي وقف متفرجاً على تهديد نشطاء يحملون حليب الأطفال والأدوية، يتحمل اليوم المسؤولية الكاملة عن اختطافهم في المياه الدولية.
وأكد أستاذ القانون الدولي، أن ما حدث يشكل جريمة قرصنة بحرية مكتملة الأركان وفقاً للقانون الدولي، حيث تم اعتراض سفينة مدنية في المياه الدولية واختطاف ركابها رغم طبيعتها الإنسانية السلمية، موضحا أن العملية تنتهك المادة 87 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تكفل حرية الملاحة في المياه الدولية.
وأشار إلى أن اعتقال النشطاء المشاركين في مهمة إنسانية يعد جريمة حرب وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة الفقرة التي تجرم الهجمات المتعمدة ضد المشاركين في العمل الإنسان، كما ينتهك المادة 70 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف التي تنص على حماية المساعدات الإنسانية.
وتساءل الدكتور مهران: ما هي جريمة غريتا ثونبرغ وليام كانينغهام وريما حسن والنشطاء الآخرين الذين اختطفتهم إسرائيل؟ هل جريمتهم أنهم يحملون حليب الأطفال للرضع الفلسطينيين؟ أم أن جريمتهم تكمن في حمل الأدوية للمرضى والجرحى؟ أم أن الجريمة الكبرى هي إحضار الأطراف الصناعية للأطفال الذين بترت إسرائيل أجسادهم؟
وأكد أن هؤلاء النشطاء ليسوا مجرمين بل أبطال حقيقيون يجسدون أفضل ما في الإنسانية، بينما الحكومات التي تدعي الحضارة تخلت عن مواطنيها وتركتهم فريسة للاختطاف الإسرائيلي، قائلا: العار ليس على من يحمل الطعام للجوعى، بل على من يمنعه من الوصول ومن يصمت على اختطافه.
وانتقد الدكتور مهران النفاق الغربي الفاضح، قائلاً: نفس الدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، صمتت أمام تهديد مواطنيها بالقتل، واليوم تصمت أمام اختطافهم في المياه الدولي، هذا يكشف حقيقة الحضارة الغربية المزعومة وعنصريتها الصارخة.
ولفت الخبير الدولي إلى أن صمت الدول التي يحمل النشطاء جنسيتها ينتهك التزاماتها بموجب المادة الأولى المشتركة من اتفاقيات جنيف لسنة 1949، ومبدأ مسؤولية الحماية، وكذلك المادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي تلزم الدول بحماية مواطنيها من الاعتداءات غير المشروعة.
وأكد أن الحصار المفروض على غزة ذاته يشكل انتهاكاً للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف التي تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، مشيراً إلى أن منع وصول المساعدات الإنسانية التي كانت تحملها السفينة يرقى لجريمة ضد الإنسانية.
وحذر الدكتور مهران من أن ما حدث يشكل سابقة خطيرة في القانون الدولي، حيث تمكنت إسرائيل من اختطاف مواطنين دوليين في المياه الدولية دون أي رد فعل من حكوماتهم حتي الان، معتبرا أن هذا الصمت يشجع إسرائيل على المزيد من الجرائم ويرسل رسالة للعالم أن القوة تعلو على القانون.
وأشار إلى أن تكرار هذا النمط الإجرامي – من استهداف سفينة الضمير في مايو الماضي إلى اختطاف طاقم مادلين اليوم – يؤكد التصعيد الإسرائيلي المتعمد ضد المبادرات الإنسانية السلمية.
وأكد أن سفينة مادلين كانت تحمل أكثر من مجرد مساعدات، بل تحمل كرامة الإنسانية وصرخة الضمير العالمي ضد الظلم، متابعا: هذه ليست مجرد سفينة، بل رمز لمقاومة الإنسانية للبربرية، واختطاف طاقمها اعتداء على ضمير العالم كله.
وطالب الدكتور مهران بمحاسبة دولية عاجلة للمسؤولين عن هذه الجريمة، مؤكداً أن وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس الذي هدد باستخدام “كل الوسائل اللازمة” يتحمل المسؤولية الجنائية الشخصية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
هذا وشدد علي ان التاريخ سيذكر أن الإنسانية في القرن الحادي والعشرين ماتت بصمت المتفرجين، لا بسيوف الجلادين، وان النشطاء المختطفون اليوم سيذكرهم التاريخ كشهداء الضمير الإنساني الذي خذلهم عالمهم وتركهم فريسة للوحوش.