عاجل

الحرب.. ما بين الجدية والواقع الهزلي !

بقلم ✍️ د. دعاء عبدالناصر محمد

(باحثة دكتوراه في الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية)

لعلنا تابعنا باهتمام ما حدث في الآونة الأخيرة على الساحة الدولية من سجال عسكري ما بين إيران وإسرائيل فيما سمي بالحرب الإيرانية الإسرائيلية، حيث انقلبت المواجهة التقليدية في الشرق الأوسط، في منتصف يونيو الجاري 2025، إلى صراع مباشر ما بين إسرائيل وإيران.

ولعلنا نجد الأنظار تتفاوت في مدى اهتمامها بمجريات الأحداث، فهناك من ينظر لتلك الحرب بعين الجدية.. مما يستدعي التفاعل والاستعداد وأخذ الحيطة والحذر، وهناك من يرى الحرب بمنظور الواقع الهزلي.. لغياب منطق التصعيد واستمرار المناوشات ما بين سجال متبادل برشقات صاروخية وطائرات مسيرة، وإن كانت الحرب قد كشفت في بضعة أيام عن تخلخل الداخل الإيراني وفشل أجهزة الردع الإسرائيلية.

فعلى الرغم من تعدد الضربات وتطورها وتداعياتها على الطرفين ودول الجوار والقوى الإقليمية والموقف الدولي، في مواجهة غير تقليدية ما بين الطرفين في محاولة لإبراز أنها حرب دفاعية وردعية.

إلا أن هذا الصراع المؤقت، حمل في طياته توترا أفضى للاعتقاد بأنها قد تكون حربا أبدية، ستؤول في نهايتها إلى حرب نووية.

ولكن، رغم جدية التوقعات.. إلا أن تلك المسرحية أثبتت هزليتها رغم ما تكبدته من خسائر، وذلك بعد إعلان ترامب عن وقف إطلاق النار بين الطرفين وموقفه الذي يدعو للسخرية بعد مباركته كلا الطرفين وتوجيهه الشكر لإيران بعد اخطارها لهم بنيتها في ضرب قاعدة العديد القطرية.

فلقد لعبت أمريكا في هذه الحرب دور المخادع بأنها لن تدخل على خط المواجهة ما بين إيران وإسرائيل، وأنها من تسعى لإحلال السلام في المنطقة، وهو ما صرح به ترامب بأنه قد ” حان الوقت لإحلال السلام بالعالم “، ولكن.. الحقيقة هي من تفرض نفسها بالنهاية، فأمريكا هي من تحرك أطراف الصراع كعرائس الماريونيت على مسرح المنطقة.

فإنه وإن كان الصراع قد تطور إلى حرب وجها لوجه لأول مرة، إلا أن هذه الحرب جمعت ما بين الجدية العسكرية وما بين الهزل، حينما تحولت المنطقة إلى ميدان للشك والتساؤل، وتصور للحرب على أنها ” حرب حمقاء ” كما يصفها البعض، مما يطلق العنان للعديد من التساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة للمشهد القادم من هذه المسرحية، فإما أن يطبق سيناريو التهدئة والاحتواء، وإما أن تستمر التوترات دون خطة سياسية محكمة تنهي المواجهة، مما قد يضع المنطقة أمام حرب أبدية أو غير محدودة، وإما أن تكون هذه الفرصة الدبلوماسية للتهدئة، ما هي إلا فخ محكم لدفع إيران نحو التخلي عن برنامجها النووي، في ظل ما تراه الإدارة الأمريكية.

ولكن.. الشئ الثابت من كل هذا، أن خطر هذه المسرحية ما زال قائما ولم ينطفئ بشكل كامل، وأن شرارة تلك الحرب الهزلية يمكنها أن تشتد في أي لحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى